نظمت رابطة الصحفيين السوريين أولى فعاليتها في مدينة حلب بعد 12 عاماً على تأسيسها، وذلك بعقد منتدى حواري فيزيائي بعنوان “معايير الصحافة الأخلاقية والقوانين الناظمة لها في سوريا”.

حضر المنتدى 18 مشاركاً ومشاركة من الصحفيين والحقوقيين والناشطين في منظمات المجتمع المدني، ناقشوا خلاله مفهوم الصحافة الأخلاقية وأهميتها في العملية السياسية الانتقالية القادمة، والتحديات الكبيرة تواجه قطاع الإعلام في سوريا في ظل خطاب الكراهية الذي كرسه النظام المخلوع.

كما تضمنت النقاشات التطرق للقوانين الناظمة للإعلام في سوريا والحاجة لتكريس مفهوم الصحافة الأخلاقية في سوريا.ويأتي عقد منتدى “معايير الصحافة الأخلاقية والقوانيين الناظمة لها في سوريا” في سياق سلسلة أنشطة نظمتها الرابطة خلال الأسابيع الماضية عبر الإنترنت لتعزيز مفهوم الصحافة الأخلاقية والتعريف بالقوانين الناظمة لها في مختلف الجغرافيا السورية

تحديات كبيرة تواجه قطاع الإعلام في سوريا في ظل خطاب الكراهية الذي كرسه النظام المخلوع

مصطفى الخلف عضو رابطة الصحفيين السوريين والميسر في المنتدى، قال إن المنتدى تناول أهمية الالتزام بالقيم الأخلاقية في العمل الصحفي، ودورها في تعزيز الثقة مع الجمهور، وضمان أن تكون الصحافة أداة للمساءلة والشفافية، مشيراً إلى أنه تم تسليط الضوء أيضاً على أهمية عقد المنتديات الصحفية كمنصات حوارية تُسهم في تكريس معايير مهنية أخلاقية، ومواجهة التحديات التي تهدد الإعلام المستقل. ولفت الخلف إلى المبادرة الرائدة التي أقدمت عليها الرابطة من خلال عقد أول منتدى صحفي في مدينة حلب، والتي كانت بمثابة تجربة ملهمة لاقت استحساناً كبيراً من المشاركين، وأكدت الحاجة إلى مثل هذه الفعاليات التي تعزز الحوار والتطوير المهني.

واعتبر أن “مثل هذه الجهود المشتركة هي الأساس لبناء صحافة حرة ونزيهة تعبر عن هموم المجتمع وتطلعاته، ونتطلع إلى تنظيم المزيد من الفعاليات المماثلة لتحقيق هذا الهدف في ظل التحديات الكبيرة تواجه قطاع الإعلام في سوريا مع خطاب الكراهية الذي كرسه النظام المخلوع

الصحفية أماني سنان، إحدى المشاركات في المنتدى قالت إنه كان فرصة مهمة لتبادل الأفكار والخبرات بين المشاركين، إذ تناول قضايا محوري ذات صلة بمجال الإعلام، وساهم في تعزيز التعاون وتوفير رؤى مستقبلية تلبي احتياجات العاملين في المجال الإعلامي وتعزز من دور الإعلام في تسليط الضوء على التحديات والقضايا المهمة.

خطوة مهمة لتأصيل الصحافة الأخلاقية

عضو رابطة الصحفيين السوريين والميسر في المنتدى سلطان الأطرش من جانبه أكد أن المنتدى يعد بمثابة باب جديد للصحفيين العاملين في سوريا للتعريف بالصحافة الأخلاقية والقوانين الناظمة لها، حيث جرى خلاله حواراً مفتوحاً حول كيفية توظيف أدوار الصحافة للوصول إلى صحافة أخلاقية.

وأضاف أنه من خلال النقاشات تم التوصل لعدة بنود ومخرجات حول الآلية التي يمكن أن تنظم العمل الصحفي في سوريا، وكيفية الاتفاق مع الأجسام الصحفية للوصول إلى ميثاق يحدد معايير الصحافة الأخلاقية لتكون بوصلة للصحفي لإنجاز صحافة أخلاقية سليمة.

من جانبه، اعتبر الصحفي والمصور بشار قيطاز، أن تجربة المشاركة في المنتدى كانت غنية ومفيدة جداً، إذ تم تسليط الضوء على أهمية الالتزام بالمعايير الأخلاقية والقوانين المحلية لضمان ممارسة مهنية للصحافة، مع الحفاظ على حرية التعبير.وأكد على أهمية المنتدى قائلاً: “شعرت بأهمية النقاش في ظل التحديات التي نواجهها كصحفيين، وكيف يمكننا التوفيق بين الالتزام بالقوانين وضمان نقل الحقائق بشفافية وحيادية.”، مشدداً أن “هذا النوع من الفعاليات يعزز الوعي والمسؤولية بالنسبة لنا كصحفيين، ويؤكد على ضرورة تطوير مهاراتنا بما يتماشى مع هذه المعايير لضمان النزاهة والمصداقية في عملنا”.

مقر دائم في دمشق

في سياق مواز رئيسة رابطة الصحفيين السوريين مزن مرشد، قالت إن “الرابطة أمام تحدي جديد بعد انتصار الثورة السورية، وقد تحقق حلم الرابطة بافتتاح مقر دائم لها في دمشق، ونطمح أن نفتح مكاتب للرابطة في كل المحافظات السورية، وأن نضم كل من يرغب من الصحفيين السوريين بالانضمام إلى الرابطة بشرط ألا يكون من الصحفيين الذين شاركوا بالتحريض أو عنده خطاب كراهية أو شارك بعمليات عسكرية أو كان أداة حربية بيد أي فصيل أو ميليشيا أو جيش الأسد”.

وأكدت مرشد أن الرابطة اليوم ستحافظ على وجودها بالداخل السوري وعلى استقلاليتها كما كانت منذ تأسيسها حيث لم تتبع أو تنحاز لأي جهة سياسية، لافتة إلى أن طموح الرابطة أن تكون طرفاً بإعداد قانون نشر جديد في سوريا يراعي القوانين العالمية، من حيث عدم ملاحقة الصحفيين والتعرض لهم بسبب عملهم، ويضمن لهم حرية الكلمة وحرية التعبير، والحصول على المعلومات.

وأشارت رئيسة الرابطة إلى قضية الصحفيين المغيبين قسراً، موضحةً أن عشرات الصحفيين السوريين مازالوا مغيبين، والرابطة مهتمة جداً بالكشف عن مصيرهم، خاصة بعد إفراغ السجون من المعتقلين.

دراسة بحثية حول الصحافة الأخلاقية

وكانت رابطة الصحفيين السوريين قد نظمت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي منتديين حواريين (أونلاين) ضم الأول 25 صحفياً/ة وحقوقياً/ة وعاملين في منظمات المجتمع المدني من محافظات دمشق وريفها ودرعا والسويداء، فيما ضم المنتدى الثاني نحو 20 مشاركاً من مناطق شمال شرقي سوريا، وذلك في إطار العمل على مشروع بحثي معمق حول معايير الصحافة الأخلاقية والقوانين الناظمة لها في سوريا، تستعرض فيه جميع القوانين السورية الماسّة بالعمل الصحفي أو القرارات التي تؤطره في سوريا.

وتسعى الرابطة من خلال المشروع إلى الربط بين تلك القوانين والقرارات الصادرة عن القوى المختلفة، ومقارنتها ببعضها ثم بمثيلاتها على المستوى الدولي والإقليمي، للخروج بتعريفات ونتائج مركزة وواضحة حول الصحافة الأخلاقية في سوريا وممارساتها، وبالتالي تمكين المستهدفين من صحفيين/ات ومؤسسات إعلامية من العمل وفق المبادئ الواضحة وبشكل لا يتعارض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والشرعية الدولية في حرية نقل المعلومات وتقصيها.

كما ستجري الرابطة استبياناً مركزاً وموجهاً للصحفيين/ات السوريين/ات، وذلك بهدف الاطلاع على مدى معرفتهم/نّ ومدى إلمامهم/نّ بالمواضيع ذات الصلة بالصحافة الأخلاقية، وأبرز القوانين التي تنظم العمل الإعلامي ومعاييره في مختلف الجغرافيا السورية.

وبناء على نتائج وتوصيات المنتديات الحوارية وتحليل استطلاعات الرأي والاستبيانات المركزة، ستعمل الرابطة إلى إصدار دراسة بحثية حول الصحافة الأخلاقية في سوريا، تسهم بزيادة معرفة وفهم صناع القرار والمؤسسات الإعلامية والقادة والمؤثرين والإعلاميين الأفراد لتأثير القوانين الخاصة في العمل الإعلامي، ومشاركة وثيقة قد تسهم في عمليات تصميم خطط التعافي المبكر في سوريا وخاصة المتعلقة بالإعلام والقوانين المرتبطة به في سوريا.

وتأمل الرابطة من جميع العاملين في المجال الإعلامي وكذلك في المؤسسات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني في سوريا المساهمة في طرح مقترحاتهم ورؤيتهم للقوانين السورية المستقبلية التي تخص العمل الإعلامي.