تحلّ الذكرى الأولى لتحرير سوريا، بما تنطوي عليه من تحول تاريخي يعيد للسوريين حقهم في تقرير مصيرهم وبناء دولتهم على أسس الحرية والعدالة. وفي هذه اللحظة المفصلية، تؤكد رابطة الصحفيين السوريين أنّ حرية الصحافة واستقلال المؤسسات الإعلامية تشكّل إحدى ركائز المرحلة الانتقالية، وأحد أهم شروط بناء دولة حديثة تحترم الحقوق وتصون كرامة الإنسان. لقد شهد العام الأول بعد سقوط النظام تحسّناً واضحاً في بيئة حرية الرأي والتعبير، مع تراجع القيود الأمنية التي حكمت الإعلام لعقود.
وتثمّن الرابطة الجهود التي بذلتها وزارة الإعلام في اعتماد نهج أكثر انفتاحاً، واحتراماً لحق الوصول إلى المعلومات، وتعاوناً ملموساً في متابعة الانتهاكات. غير أنّ المرحلة التأسيسية الراهنة تستوجب إعادة تنظيم واضحة للأدوار بين مؤسسات الدولة والهيئات المهنية. فوزارة الإعلام-رغم أهمية دورها في رسم السياسات العامة-ليست بديلاً عن النقابات، ولا ينبغي لها أن تمارس الأدوار التاريخية الموكلة إليها، خاصة في مجالات التنظيم الذاتي للمهنة، مثل إعداد مواثيق الشرف ومدونات السلوك، التي تظل حكراً على الهيئات المهنية المستقلة، بوصفها الأقدر على تمثيل الصحفيين وصون استقلاليتهم.
وانطلاقاً من ذلك، تؤكد رابطة الصحفيين السوريين ما يلي:
-تكريس التعددية النقابية، وضمان قيام الهيئات والتشكيلات المهنية الإعلامية بعملها بحرية واستقلالية دون أي وصاية سياسية أو إدارية، بما يعزّز الحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان الدستوري ويحميها.
-تمكين رابطة الصحفيين السوريين رسمياً من مزاولة عملها داخل سوريا ومنحها الترخيص القانوني الكامل، استناداً إلى دورها المحوري في حماية الصحفيين ومتابعة الانتهاكات وتطوير بيئة الإعلام في مرحلة انتقالية حساسة.
-الإسراع في إعداد وإصدار قانون إعلام موحد وعصري يستند إلى مبادئ حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات، ويضع حداً للفراغ التشريعي. ولضمان أن يكون القانون معبّراً عن احتياجات المهنة ومتوافقاً مع المعايير الدولية، تشدد الرابطة على ضرورة إشراك ممثلين عنها وعن اتحاد الصحفيين في صياغته، إلى جانب الجهات الحكومية المختصة، ومنظمات المجتمع المدني. إنّ مشاركة الهيئات المهنية في العملية التشريعية تعد ضمانة أساسية لمنع تكرار تجارب التسييس والتقييد التي عرفها القطاع الإعلامي لعقود، ولتأسيس بيئة مستقرة تحمي الصحفيين وتنظم عمل المؤسسات الإعلامية في جميع مناطق البلاد.
-تعزيز الشراكة بين الرابطة والجهات الحكومية ذات الشأن في مجال توثيق الانتهاكات، ومحاسبة مرتكبيها، وتوفير التدريب المتخصص للصحفيين في المناطق عالية المخاطر، وتمكين المؤسسات الإعلامية المحلية من الاضطلاع بدورها الوطني في عملية الانتقال السياسي والعدالة الانتقالية.
إن رابطة الصحفيين السوريين، وهي تستذكر شهداء الصحافة والمصابين والمعتقلين والمختفين قسراً في هذه المناسبة الوطنية، تجدّد التزامها بالدفاع عن حرية الإعلام واستقلاليته، والعمل من أجل تأسيس قطاع مهني قادر على الإسهام في بناء سوريا الجديدة، دولة الحرية والعدالة والمواطنة.









