اختُتمت في عمّان أعمال الملتقى الثالث لمستقبل الإعلام والاتصال، الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحافيين على مدار يومين، تحت شعار “الإعلام من الحرية والحماية إلى التمكين والتغيير” بمشاركة نحو 750 إعلامياً وإعلامية من مختلف الدول العربية، وسط حضور مميز للإعلام السوري الذي خُصصت له جلستين نقاشيتين موسعتين الأولى بعنوان “سورية وأسئلة المستقبل: تحديات، رهانات، وقصص نجاح”، شارك فيها فضل عبد الغني (الشبكة السورية لحقوق الإنسان) ومازن درويش (المركز السوري للإعلام وحرية التعبير) وأنس أزرق (مستشار فضاءات ميديا) ومحمد النسور. وجاءت الجلسة الثانية بعنوان “الإعلام السوري بين عهدين، التحولات المطلوبة”. شارك فيها براء عثمان عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الصحفيين السوريين وعلي حميدي مدير تلفزيون سوريا ولمى راجح عضوة المكتب التنفيذي في رابطة الصحفيين السوريين، وأدارتها الإعلامية نور الهدى مراد.

محمد المومني – وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية

 وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أكد أن الإعلام العربي يجب أن يكون ركيزة للاستقرار والاعتدال في المنطقة. وشدّد على أن مواجهة التضليل والأخبار الكاذبة مسؤولية جماعية وأخلاقية لحماية المجتمعات وأمنها الفكري. وأشار إلى خطوات الأردن في تعزيز الوعي وتشجيع مبادرات التحقق من المعلومات، وريادته الإقليمية في التربية الإعلامية والمعلوماتية، فضلاً عن السعي لدمج مفاهيم الذكاء الاصطناعي في برامج التوعية المجتمعية.

نضال منصورمؤسس مركز حماية وحرية الصحافيين

بدوره أشار مؤسس مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور إلى أن الاستهداف الممنهج للصحافيين، خاصة في غزة، يجري وسط إفلات كامل من العقاب، ما يضع المؤسسات الحقوقية أمام أزمة أخلاقية. لكنه شدّد على أن الاستسلام ليس خياراً: “ما لم يكن هناك تصور متفق عليه بين الصحافيين أنفسهم وتفاهمات مع الحكومات، لن يكون هناك مستقبل لإعلام مستقل وحر”.

ولفت منصور إلى أن المرحلة المقبلة يجب أن تشهد تأسيس هيئة استشارية مستقلة تُشرف على أعمال الملتقى بما يضمن استمراريته.

الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنتوني بيلانجي

بدوره، أوضح الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنتوني بيلانجي، أن الصحافة ليست مجرد وسيلة للتنبؤ، بل تقوم على الحقائق ونقلها بدقة.  وأكد وقوفه ضد الطغيان والمجازر، مشيرًا إلى المأساة التي تعرض لها الصحفيون في غزة، داعيًا المؤسسات والحكومات إلى التحرك لمواجهة هذا الواقع. وشدد على أن حرية الصحافة لا تتحقق من دون حماية الصحفيين، معربًا عن أسفه لمقتل 225 صحفيًا في غزة.

رؤية نحو استقلالية العمل النقابي والإعلامي

هذا وشهدت الجلسة الحوارية الثانية التي عقدت بعنوان “الاعلام السوري بين عهدين … التحولات المطلوبة”، تفاعلا كبيرا حيث أكد براء عثمان أمين العلاقات العامة في اتحاد الصحفيين السوريين خلال مداخلته أن المرحلة الحالية تتطلب إعادة بناء الأطر النقابية والمهنية للإعلام السوري على أسس الاستقلالية والشفافية، بعيداً عن التبعية التي طبعت تجارب الماضي. وشدد على أن حماية الصحفيين وإرساء آليات تضمن حرية العمل الصحفي تمثلان المدخل الحقيقي لإصلاح هذا القطاع الحيوي.

الإعلام الوطني المستقل كضرورة للمرحلة المقبلة

من جهته، تناول علي حميدي مدير تلفزيون سوريا التحديات التي واجهت المؤسسات الإعلامية السورية المستقلة خلال السنوات الماضية، مبرزاً أهمية الانتقال إلى إعلام وطني مهني قادر على مخاطبة الجمهور السوري بمختلف أطيافه. وأكد أن استقلالية القرار التحريري وتطوير البنية المؤسسية يشكلان حجر الزاوية في بناء إعلام يعكس تطلعات السوريين في المرحلة الانتقالية..

تمكين الصحفيات وتعزيز التمثيل

بدورها، ركزت لمى راجح عضوة المكتب التنفيذي في رابطة الصحفيين السوريين على أهمية الاستثمار في التدريب المستمر ودعم الكفاءات الإعلامية الشابة، مشيرة بشكل خاص إلى دور الصحفيات وضرورة تمكينهن وإشراكهن في مواقع صنع القرار داخل المؤسسات الإعلامية والنقابية. ورأت أن التمثيل المتوازن والتنوع المهني يعكسان جوهر الإصلاح المطلوب في هذا القطاع.

وذكرت راجح أن أبرز التحديات الحالية تكمن في غياب التشريعات القانونية وضرورة تعديل قانون الإعلام الصادر عام 2012، فضلا عن ضرورة النهوض بالعمل النقابي وفق مبدأ الاستقلالية وتأسيس اتحادات للناشرين في ظل سعي الصحفيات والصحفيين السوريين لبناء إعلام مستقل ومهني يواكب متغيرات المرحلة.