تقف رابطة الصحفيين السوريين في الثلاثين من آب/أغسطس، باليوم العالمي للمختفين/المختفيات قسريًا، لتستحضر مأساة الزملاء والزميلات الذين/اللواتي غيّبهم/غيّبنهن النظام السوري البائد وسلطات الأمر الواقع طوال أربعة عشر عامًا، في محاولة بائسة لإسكات صوت الحقيقة وتكميم الأفواه.

لقد كان الناشطون والناشطات والصحفيون والصحفيات، من مختلف الانتماءات، من بين أكثر الفئات استهدافًا، فاعتُقلوا/اعتُقلن، وعُذّبوا/عُذّبن، واختفوا/اختفين في أقبية أجهزة الأمن، فقط لأنهم/لأنهن أصروا/أصررن على نقل الحقيقة وتوثيق جرائم الاستبداد.

إنّ سقوط النظام القمعي لا يعني طيّ الصفحة، بل على العكس، يضع المجتمع السوري أمام واجب تاريخي وأخلاقي بكشف الحقيقة وتحقيق العدالة. فلا مستقبل حرًّا لسوريا دون إنصاف ضحايا الاختفاء القسري، وفي طليعتهم/طليعتهن الناشطون/الناشطات والصحفيون/الصحفيات الذين/اللواتي كانوا ضمير الشعب وصوته الحر.

لقد وثّقت الرابطة، عبر مركز الحريات الصحفية، أكثر من ثلاثين حالة اختفاء لصحفيين وصحفيات سوريين/سوريات ما يزال مصيرهم/مصيرهن مجهولًا، بعضهم/بعضهن اختفى منذ أكثر من أربعة عشر عامًا (علماً أن الأعداد أكثر من ذلك بكثير). هؤلاء لسن/ليسوا مجرد أسماء في قوائم، بل هم/هن جزء من ذاكرة الثورة السورية ومسيرتها نحو الحرية، وصمودهم/صمودهن في وجه الترهيب، وغيابهم/غيابهن القسري، يشكّل وصمة عار على جبين النظام البائد الذي سقط، ويضع على عاتق الدولة السورية الجديدة واجب محاسبة الجناة وجبر الضرر.

وانطلاقًا من ذلك، فإن رابطة الصحفيين السوريين تؤكد على أن ملف الصحفيين والصحفيات المختفين/المختفيات قسرًا يجب أن يكون ملفًا وطنيًا أولًا ضمن مسار العدالة الانتقالية، وتطالب بـ:

1- فتح تحقيق شامل وشفاف حول جميع حالات اختفاء الصحفيين والصحفيات منذ عام 2011، وكشف الحقائق كاملة للرأي العام.

2- الكشف الفوري عن أماكن وجودهم/وجودهن أو أماكن دفن من قضوا/قضين منهم/منهن، وتمكين عائلاتهم/عائلاتهن من حقوقهم/حقوقهن الكاملة في الحقيقة والإنصاف.

3-إدراج قضية الصحفيين/الصحفيات المختفين/المختفيات قسرًا كأولوية في العدالة الانتقالية، وربطها بمسار المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

4-محاسبة جميع المتورطين/المتورطات في جرائم الإخفاء القسري من مسؤولي الأجهزة الأمنية للنظام السابق، ومن ساعدهم/ساعدهن أو تستر عليهم/عليهن، أمام قضاء عادل ومستقل.

5- جبر الضرر لعائلات الصحفيين والصحفيات الضحايا ماديًا ومعنويًا وقانونيًا، ورد الاعتبار لهم/لهن باعتبارهم/باعتبارهن شهداء وشهيدات الكلمة الحرة.

6-تخليد ذكرى الصحفيين والصحفيات المغيبين/المغيبات قسرًا كجزء من الذاكرة الوطنية السورية، وضمان أن تبقى تضحياتهم/تضحياتهن حاضرة في مسيرة بناء الدولة الجديدة.

إنّ الرابطة تؤكد أن لا سلام دون مصالحة حقيقية، ولا عدالة دون محاسبة، ولا مستقبل لسوريا دون إنهاء حقبة الإفلات من العقاب.

إنّ الصحفيين والصحفيات السوريين/السوريات الذين/اللواتي غُيّبوا/غُيّبن قسرًا هم/هن ضمير هذا الوطن، وأي تجاهل لقضيتهم/قضيتهن هو خيانة لقيم الحرية التي خرج السوريون والسوريات من أجلها.

إننا اليوم، وفي الذكرى السنوية للمختفين/المختفيات قسرًا، نرفع صوتنا عاليًا لنقول إن سوريا لن تُبنى سوريا الجديدة إلا على كشف الحقيقة، ولن تستقيم العدالة إلا بإنصاف الضحايا، ولن تُصان حرية الصحافة إلا بكشف مصير زملائنا وزميلاتنا ومحاسبة جلاديهم/جلاديهن.