تعرب رابطة الصحفيين السوريين عن إدانتها الشديدة للانتهاكات الجسيمة والمتكررة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الصحفيين داخل الأراضي السورية، والتي ترقى إلى جرائم بموجب القانون الدولي الإنساني، وتشكل اعتداءً صريحًا على حرية الصحافة، وخرقًا للمواد التاسعة والسبعين والواحدة والخمسين من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، التي تضمن حماية خاصة للصحفيين أثناء النزاعات المسلحة.

ففي تاريخ 14 حزيران 2025 تعرّض كل من الصحفي نادر دبو (أبو معن الحوراني)، مراسل صحيفة +963، والإعلامي نور جولان، للملاحقة والاستجواب الميداني من قبل قوات إسرائيلية أثناء قيامهما بواجبهما المهني في توثيق حادثة سقوط مسيّرات في ريف محافظة القنيطرة جنوبي سوريا.

وقال دبو في شهادته لمركز الحريات الصحفية بالرابطة إنه “تمت ملاحقتنا لأكثر من نصف ساعة، قبل أن تتم محاصرتنا والتحقيق معنا بذريعة دخول منطقة عسكرية، رغم وجودنا داخل أراضٍ سورية مدنية بالكامل“.

هذه الحادثة لم تكن معزولة فمنذ سقوط نظام الأسد، وثقت الرابطة أربع حوادث انتهاك بارزة من قبل الجيش الإسرائيلي، شملت إطلاق نار مباشر، واعتقال، وضرب، ومصادرة معدات، وعرقلة التغطية الإعلامية، أبرزها إصابة الإعلامي علي النجار، برصاص الاحتلال في الـ 25 كانون الأول 2024 أثناء تغطيته احتجاجات في قرية السويسة بريف القنيطرة، حيث قال في شهادته لمركز الحريات الصحفية في الرابطة إنه “أُصيب في قدمه بكسر ورضوض إثر إطلاق نار مباشر أثناء تغطيته لتظاهرات مدنية. وتم إسعافه إلى مستشفى الجولان ومن ثم إلى مركز الهلال الأحمر“.

وفي الثامن من كانون الثاني 2025، قامت القوات الإسرائيلية باعتقال المصور الفرنسي سيلفان ميركادير (Sylvain Mercadier) والمتعاون الصحفي السوري محمد فياض أثناء تغطية صحفية بقرية الحميدية، كما منعت الصحفي يوسف غريبي من التغطية وصادرت معداته.
وذكر غريبي أن زميله: “تعرضا للضرب والتكبيل رغم ارتدائهما الزي الصحفي حيث حاول الفرار بمساعدة الأهالي، ولاحقاً طلب منه الجيش الإسرائيلي عبر الهاتف تسليم كلمة سر اللابتوب الخاص به، وهو ما فعله تحت الإكراه لتأمين سلامتهما“.

تُشدد رابطة الصحفيين السوريين على أن استهداف الصحفيين في مناطق النزاع يُعدّ جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف. لا يمكن تبرير هذه الجرائم تحت أي ذريعة أمنية أو عسكرية، لا سيما عندما تقع داخل أراضٍ سورية وعلى بعد كيلومترات من خطوط الاشتباك. تؤكد الرابطة أن هذه الانتهاكات لا تندرج ضمن تجاوزات فردية، بل تشكل نمطًا منهجيًا متعمدًا من قبل الجيش الإسرائيلي لترهيب الصحفيين وعرقلة توثيق الانتهاكات في المناطق الحدودية السورية. إن هذه الأفعال تُمثل انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير، وتُخالف المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وميثاق اليونسكو بشأن تعزيز وحماية حرية الصحافة.”

وتطالب رابطة الصحفيين السوريين بشكل فوري بوقف لكافة أشكال الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للصحفيين داخل الأراضي السورية والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف ممارساتها العدائية تجاه الصحافة، والكف عن عرقلة التغطية الإعلامية المستقلة في جنوب سوريا.

كما تدعو لفتح تحقيق دولي مستقل بإشراف الأمم المتحدة، ومحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات. وتؤكد الرابطة على ضرورة توفير آليات حماية دولية عاجلة للإعلاميين العاملين في مناطق التماس، تشمل الدعم القانوني والتقني والنفسي. وتعزيز جهود التوثيق المستقل.

وتشدد الرابطة على أن استهداف الصحفيين المدنيين خلال قيامهم بواجبهم المهني لا يمكن تبريره بأي ذرائع أمنية، وأنّ الإفلات من العقاب في هذه الجرائم يمثل تقويضًا خطيرًا لمبادئ العدالة والحق في نقل المعلومات.

إن رابطة الصحفيين السوريين، إذ تقف إلى جانب الزملاء المستهدفين، تؤكد أن هذه الانتهاكات من قبل الجيش الإسرائيلي لن تردع الصحفيين السوريين عن أداء واجبهم المهني في نقل الحقيقة. وتعلن التزامها الكامل بالدفاع عن حرية الصحافة، وتدعو المنظمات الدولية والإقليمية إلى التضامن الجاد والعمل الحثيث لوقف هذه الممارسات ومساءلة مرتكبيها.