المشاركون في المنتدى: الصحافة الأخلاقية خط دفاع أول لمحاربة خطاب الكراهية

نظّمت رابطة الصحفيين السوريين السبت، منتدى حوارياً عبر الإنترنت بعنوان “الصحافة الأخلاقية ودورها في مكافحة خطاب الكراهية”، بمشاركة واسعة من صحفيين وصحفيات يمثلون مؤسسات إعلامية محلية ودولية، إضافة إلى صحفيين مستقلين، وحقوقيين، ونشطاء من المجتمع المدني. أدار المنتدى إبراهيم الحسين، مدير المركز السوري للحريات الصحفية، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن الالتزام بالمعايير الأخلاقية ليس ترفاً مهنياً، بل ضرورة لمواجهة حملات التحريض والانقسام التي تهدد السلم الأهلي في سوريا.

مفهوم الصحافة الأخلاقية ودورها في حماية المجتمع
تضمنت الجلسة الأولى مناقشة مفهوم الصحافة الأخلاقية باعتبارها منظومة قيمية ومهنية تحكم العمل الإعلامي وتضمن إنتاج محتوى دقيق وموضوعي يحترم كرامة الأفراد وحقوقهم، مع تحقيق التوازن بين حرية التعبير والمصلحة العامة، إضافة إلى دور الإعلام في التوعية المجتمعية والدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة التمييز وتعزيز التماسك الاجتماعي عبر تغطيات مهنية وتحقيقات معمّقة.

خطاب الكراهية بين حرية الرأي وخطر التحريض
وتناولت الجلسة الثانية تعريفات خطاب الكراهية وفق المعايير الدولية، والتمييز بين حرية الرأي المشروع والخطاب المحرض على العنف أو التمييز على أساس الدين أو القومية أو النوع الاجتماعي أو الانتماء السياسي، كما جرى عرض نتائج استبيان بحثي أعدته الرابطة بعنوان “الصحافة الأخلاقية والقوانين الناظمة لها في سوريا”، والذي كشف أن أبرز المبادئ التي تتعرض للانتهاك في البيئة الإعلامية السورية تتمثل في غياب الالتزام بتجنب خطاب الكراهية وضعف الدقة والوضوح وعدم احترام كرامة الضحايا وانتهاك الخصوصية وحماية المصادر، مع الإشارة إلى أن منصة فيسبوك تأتي في صدارة المنصات التي تشهد هذه الانتهاكات.

الإطار القانوني: فجوات تشريعية ومصطلحات فضفاضة
أما الجلسة الثالثة فخصصت لمناقشة الإطار القانوني المتعلق بخطاب الكراهية في سوريا، حيث أشار المشاركون إلى غياب تعريف قانوني واضح للمفهوم، وتركز النصوص القانونية القائمة على حماية أمن الدولة والنظام العام بدلاً من حماية حقوق الأفراد والمجموعات المستهدفة، وهو ما يفتح الباب أمام استخدام هذه القوانين بشكل انتقائي. وفي هذا السياق، قال محمد الصطوف، مدير قسم الرصد والتوثيق في الرابطة، إن القوانين الحالية تفتقر إلى التعريفات الدقيقة وتحتوي على مصطلحات فضفاضة مثل “وهن نفسية الأمة”، ما يتيح استخدامها بطرق تحد من حماية الفئات المستهدفة، مؤكداً ضرورة صياغة نصوص قانونية واضحة وضمان الحق في الحصول على المعلومات.

أصوات المشاركين: التدريب والرقابة وتشجيع المحتوى الإيجابي
من جهته، شدد الصحفي مأمون البستاني، أحد منظمي المنتدى، على أن معايير الصحافة الأخلاقية تشكل الأساس في مكافحة خطاب الكراهية، وأن أي جهود تشريعية أو تقنية ستكون محدودة الأثر إذا غابت المهنية عن غرف الأخبار، فيما أشار الصحفي مصطفى الخلف إلى أهمية تدريب الناشطين الإعلاميين على المعايير المهنية وتطوير آليات فعّالة لرصد المحتوى المخالف وتشجيع إنتاج محتوى إيجابي يرسخ قيم المواطنة والتعايش المشترك.

توصيات ختامية لتعزيز دور الإعلام
واختتم المنتدى بمجموعة توصيات شملت الدعوة إلى صياغة تعريف قانوني واضح لخطاب الكراهية ينسجم مع المعايير الدولية، وتطوير برامج تدريبية متخصصة للصحفيين والناشطين الإعلاميين، وتفعيل ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، وتحسين البنية التحتية للإنترنت، وتعزيز التعاون بين وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية لرصد المحتوى المخالف، وتقديم الدعم والحماية للمنصات الملتزمة بالمعايير المهنية، وسط تأكيد المشاركين أن الإعلام السوري أمامه فرصة ومسؤولية لقيادة مواجهة فعّالة ضد خطاب الكراهية عبر جهود مشتركة بين الصحفيين والمؤسسات والمشرعين والمجتمع المدني.