“المساءلة الداخلية” ضمان لحقوق العاملين في القطاع الإعلامي السوري

عقدت هيئة “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين” بالتعاون مع “رابطة الصحفيين السوريين” منتدى حواريا حول تفعيل أدوات المُساءلة الدّاخليّة للوصول لأداء مهني أفضل، ووضع خارطة طريق تضمن حقوق الموظفين والمؤسسات، بما في ذلك دور رابطة الصحفيين السوريين، وأشار الحضور إلى ضرورة مراعاة المؤسسات الإعلامية حقوق الصحفيين والعاملين فيها، من خلال العدل في الأجور، وساعات وعقود العمل، والسياسات والأنظمة الداخلية التي لا تطبق في بعض المؤسسات.

وناقش ميسر الجلسة الصحفي سمير مطر رئيس رابطة الصحفيين السوريين، مفهوم “المساءلة الداخلية” في مؤسسات الإعلام ومنظمات المجتمع المدني السورية، ودورها في تطوير العمل، وتطرق إلى تجارب أوروبية تطوّر فيها العمل النقابي من خلال “المساءلة”، ولاسيما التجربة الألمانية، موضحاً أن التجربة السورية ما بعد 2011 لا تقل أهمية أو وعياً عن هذه التجارب.

إجراءات المساءلة الداخلية

أكد الأستاذ سمير مطر رئيس رابطة الصحفيين السوريين أن الرابطة شاركت بشكل فعال في هذا المنتدى، وكلها أمل بتفعيل أدوات المساءلة الداخلية في المؤسسات الإعلامية السورية، والتي تصب في النهاية في مصلحة الطرفين، وتعمل على تطوير العلاقة بين الصحفي والمؤسسة، والرقي نحو الأعلى بالمستوى الإعلامي المستقل.

وأضاف أن الرابطة تعمل منذ سنوات، على رفع المعرفة النقابية لدى الأعضاء والناشطين الإعلاميين، لتمكينهم مهنيا وحقوقيا عند إبرامهم العقود مع مؤسسات إعلامية، وشدد رئيس رابطة الصحفيين على أن الرابطة تهدف إلى أن يكون الصحفيون ملمين بمعرفة كامل حقوقهم الأساسية لسد نقص الخبرة النقابية التي كانت مغيبة ما قبل عام 2011.

العقود والرواتب

الصحفية مروة الغفري قالت إن “النقاش الذي دار في منتدى “المساءلة الداخلية” مهم وإيجابي، والحقيقة إن التوليفة التي تم اختيارها في هذا النقاش كانت متنوعة وهذا شيء مهم للغاية، بحيث لم تقتصر فقط على المستوى الإداري في المؤسسات الإعلامية، وليس فقط على الموظفين أو الصحفيين، كي لا يدور النقاش في دائرة مغلقة، وفلك واحد، وكان هذا التنوع صحياً لسماع كافة وجهات النظر، في محاولة لإيجاد الحلول حتى ولو كانت مبدئية، وليس فقط البقاء في إطار طرح المشكلة دون البحث عن حل لها”.

وعن المشاكل التي تواجه الصحفيين والصحفيات في المؤسسات الإعلامية، تضيف الغفري، “أن هناك مستويات متعددة، مثل العقود والرواتب والمشكلات القانونية، كما أن هناك مشكلة كبيرة تتعلق بانغلاق الإدارة على نفسها، بحيث لا يطّلع الصحفيون على أي مشكلة أو أمر تمر به المؤسسة، وعدم اتباع الأسلوب التشاركي، الذي من الممكن أن يكون مفيدا في كثير من الأحيان”.

وتمنّت الغفري أن تكون هذه الجلسة، بداية سلسلة من الجلسات، لطرح قضايا أخرى تهم الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، واقترحت تفنيد هذه المشكلات وتقسيمها في عدة جلسات، موضحةً أن “الأمر معقد وكبير ولا يمكن حصره في جلسة أو منتدى واحد”.

القانون يضمن الحقوق

الأستاذ غزوان قرنفل رئيس لجنة المراجعة في لجنة الشكاوى في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين أكد أن النقاشات والموضوعات التي طرحت في هذا المنتدى مهمة جداً، وعلى رأس هذه الطروحات موضوع عقود العمل، وأهمية الشفافية فيها، إذ يترتب عليها الحصول على أذونات عمل وأمور أخرى من المترتبات القانونية، ما يضمن الحماية للعامل نفسه، ويكون ضامناً لحماية المؤسسة، والمحافظة على سمعتها، وبتحقيق هذا المطلب لا يستطيع أحد أن يطعن في نزاهة هذه المؤسسة وأدائها المالي.

رئيس لجنة المراجعة في لجنة الشكاوى أشار إلى “ضرورة أن تكون المؤسسات الإعلامية مرخصة، ما يقتضي أن يكون لديها موارد كافية لتستطيع أن تنفذ مجموعة من الخطوات القانونية المتداخلة، والتي تصب في مصلحة الطرفين”، واعتبر “التوصيات التي خرج بها المنتدى، ولاسيما ما يتعلق بضرورة تفعيل دور رابطة الصحفيين السوريين، وأوصي بأخذها بعين الاعتبار، إذ أن على الرابطة أن تمارس نشاطاً أكبر فيما يتعلق بالصحفيين والإعلاميين من جهة والمؤسسات الإعلامية من جهة أخرى”.

الاحتكام لطرف ثالث

من جهته أكد المحامي محمد صطوف عضو رابطة الصحفيين، أن هذا المنتدى هو الأول من نوعه في تناول قضية هامة وهي “المساءلة الداخلية” وتفعيل أدواتها في المؤسسات الإعلامية، وأكد أن المناقشات التي دارت فيه كانت مثمرة وبناءة، إذا أُخذت بعين الاعتبار ودخلت حيّز التنفيذ.

صطوف ركّز في حديثه على مناقشة المشاركين في المنتدى للعقبات التي تواجه المؤسسات الإعلامية السورية، وضرورة تفعيل دور رابطة الصحفيين السوريين، على اعتبار أنها تضم الصحفيين والإعلاميين السوريين وتعنى بالاهتمام بشؤونهم والدفاع عن قضاياهم.

وعن التوصيات التي قدّمها المنتدى قال صطوف، إن أكثر ما شدد عليه المشاركون في توصياتهم هو ضرورة وجود طرف ثالث للوساطة بين المؤسسة الإعلامية والصحفي، يتم الاحتكام له في حال حدوث خلاف بين الطرفين، وأن يكون هناك توافق على الطرف الثالث من قبل الموظف والمؤسسة.

توصيات المشاركين في المنتدى

توافق المشاركون في هذا المنتدى على عدة نقاط أبرزها، السعي لوجود مذكرة تفاهم بين رابطة الصحفيين السوريين، والمؤسسات الإعلامية السورية، لتكون الرابطة وسيطة بين العاملين ومؤسساتهم، بالإضافة لضرورة صياغة مدونة سلوك ناظمة للعمل تضمن حقوق المؤسسة والصحفي، مع مراعاة إشراك الصحفيين في صياغتها.

وأضاف المشاركون مقترحات حول ضرورة قيام رابطة الصحفيين بدورها في تدريب وتطوير أدوات ومهارات الصحفيين، وتشكيل لجنة مسلكية مختصة لحل المشاكل والقضايا العالقة بين الموظفين والمؤسسة.

وشدّد الصحفيون على ضرورة وجود صندوق شكاوى في كل مؤسسة، يوصل الشكوى للإدارة ووسيط خارجي (محامي أو خبير بالشؤون القانونية) يتوافق عليه الصحفيون والمؤسسة، أو ممثل عن الرابطة ينتخبه الصحفيون وتوافق عليه المؤسسة الإعلامية أيضاً، ما يسهم في حل كثير من القضايا العالقة بين الطرفين، مع التركيز على أهمية أن تكون عقود العمل واضحة بين المؤسسة والصحفي، وتراعي الحقوق والواجبات، ومنح العاملين كافة الحقوق وفق الشرعة الدولية وقوانين العمل، وأكدوا على ضرورة حماية الموظفين من الفصل التعسفي.

يشار إلى أن منتدى “تفعيل أدوات المُساءلة الدّاخليّة للوصول لأداء مهني أفضل” الذي عقده “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين” بالتعاون مع “رابطة الصحفيين السوريين”، ضم نحو 25 صحفية وصحفياً من مؤسسات الإعلام السورية، ومنظمات المجتمع المدني، بينهم مدراء مؤسسات ومكاتب إعلامية، واختتم أعماله السبت 17-12-2022، في ولاية مرسين التركية.